تزايدت القروض الشخصية خلال السنة الأخيرة بأكثر من مليار ريال ، وهي في مجملها قد تجاوزت العشرة مليارات ريال مقارنة بـ 5.8 مليار ريال عام 1997 ، ونحو 3.3 مليار فقط عام 1996 ، وباتت تشكل في عام 2003 أكثر من ربع الائتمان المحلي ، ونحو 16% من الناتج المحلي الاجمالي. ويعود جزء من هذه الزيادة بالطبع إلى قرار البنوك المحلية تمويل عمليات شراء أسهم شركة صناعات قطر خلال الشهرين الماضيين ، ولكن مع ذلك تظل هناك زيادة ملحوظة في القروض الشخصية. فهل أن تناميها على هذا النحو يمثل ظاهرة مقلقة ؛ كأن يكون نتيجةً لزيادة تكاليف المعيشة أو لتحول جذري في أنماط السلوك الاستهلاكي وفي ظروف الاقراض ، أم أنه يأتي منسجماً مع الزيادة المضطردة في عدد السكان وفي الناتج المحلي الاجمالي ؟
من الطبيعي أن تكون هناك زيادة في حجم القروض الشخصية كلما حدثت زيادة في عدد السكان ، ذلك أن هذه الزيادة السكانية غالباً ما يصاحبها زيادة في أعداد العاملين. وهذه الزيادة بدورها تتطلب قروض إضافية لمواجهة الاحتياجات المعيشية المختلفة. ونجد لذلك أنه في حين زاد عدد السكان في قطر في عام 2003 بنسبة 20% عما كان عليه الحال في عام 1997 ، فإن القروض الشخصية قد زادت في نفس الفترة بنسبة 74%. ويلاحظ أن الناتج المحلي الاجمالي قد زاد في نفس الفترة – أي ما بين عامي 1997 و 2003 – بنحو 50% تقريباً ، وهذه الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي قد صاحبها زيادة في تعويضات العاملين (أي الأجور والرواتب التي تشكل جزء من الناتج المحلي) ، ومن هنا فإن الزيادة في الناتج المحلي الاجمالي تؤدي هي الأخرى إلى زيادة في القروض الشخصية ، مع التسليم بحقيقة أن عامل الزيادة في السكان يتداخل مع الزيادة في عامل الناتج المحلي في إحداث زيادة في القروض الشخصية. ولكن وفي كل الأحوال ، فإن أثر العاملين معاً لا يمكن أن يفسر أكثر من نصف الزيادة في القروض الشخصية ، أي في حدود 37% ، ويتبقى النصف الثاني من الزيادة بحاجة إلى تفسير.
من المسلم به أن ارتفاع تكاليف المعيشة بعد عام 1997 نتيجة الرسوم المفروضة على الخدمات الصحية والتعليمية ورسوم الاقامات والجوازات والمخالفات المرورية وغيرها قد ساهم بجزء هام في الحاجة إلى مزيد من القروض الشخصية ، في وقت ظلت فيه مستويات الدخل على حالها بدون تغير يذكر. ومع ذلك فإن هنالك عوامل أخرى تقف وراء الزيادة في حجم القروض الشخصية على مدى الأعوام الماضية ومنها تساهل البنوك في منج القروض للأفراد بضمان الراتب وبدون كفيل وبمبالغ كبيرة. ومنها أيضاً توسع البنوك في إصدار بطاقات الائتمان ، واستخدام هذه البطاقات كوسيلة للاقراض الدائم والمتجدد ، فمن يحمل بطاقة إئتمانية يستطيع أن يذهب إلى أي صراف آلي ويسحب مبالغ نقدية ، أو يشتري سلعاً وخدمات بآلاف الريالات. هذه السهولة المتناهية في إجراءات الاقراض تدفع الأشحاص إلى مزيد من الانفاق وإلى المزيد من الاقتراض. وتشجع البنوك هذه الظاهرة طالما أن معدلات الفائدة على قروض بطاقات الائتمان تصل إلى ضعف المعدلات السائدة على القروض المباشرة. ورغم أن هذا التوسع في الاقراض من خلال البطاقات يقابلة بالضرورة تزايد حالات الاعسار التي يعجز أصحابها عن السداد ، فإن حصيلة العائد من الفائدة المرتفعة كفيل بتغطية خسائر المعسرين.
والخلاصة أن جانب من الزيادة في القروض الشخصية هو أمر طبيعي وينسجم مع الزيادة في السكان وفي الناتج المحلي الاجمالي ، ولكن هذين العاملين لا يفسران كل الزيادة في القروض الشخصية. وهناك أنماط سلوكية وممارسات مصرفية مسؤولة بدورها عن جانب مهم في الزيادة التي طرأت على حجم القروض الشخصية ، وهي ما يحتاج إلى متابعة ودراسة حتى لا تخرج الأمور عن السيطرة وتتحول الزيادة إلى ظاهرة مقلقة.