همــــوم اقتصاديـــة

تتنازعني هذا الأسبوع أمور اقتصادية عديدة يستحق كل أمر منها التوقف عنده والتعليق عليه في هذه الزاوية لماله من أهمية كبيرة في حياتنا . . ويحتاج كل منها إلى مقال بمفرده ولكن ضيق المساحة يحتم علينا الإيجاز تاركين التفصيل لمقال آخر يأتي في وقته إن شاء المولى عز وجل . وتتراوح الموضوعات بين ما يجري في أسواق النفط ومستقبل الأسعار إلى الحديث عن اقتصاديات الانتفاضة وضرورة الإسراع في تقديم الدعم لمستحقيه , إلى المآسي التي يتعرض لها المستثمرون محلياً من جراء انهيار أسعار الأسهم العالمية من ناحية وما يقال عن هروب مدير الاستثمار في إحدى الشركات المحلية المعروفة من ناحية أخرى . ورغم اختلاف هذه الموضوعات في مادتها إلا أنه يجمع بينها في النهاية أنها تؤثر على أوضاعنا الاقتصادية وتشكل ما يعرف بالهموم الاقتصادية للأفراد والحكومات والجماعات .

1 – أسعار النفط :

مالت أسعر النفط إلى الانخفاض مع اقتراب موسم الربيع وانتهاء فصل الشتاء ، وتخطط دول الأوبك إلى خفض إنتاجها عند اجتماع الوزراء هذا الأسبوع بما يتراوح ما بين نصف مليون إلى مليون برميل يومياً من أجل ضمان ثبات السعر عند مستوى 25 دولاراً للبرميل لسلة خامات الأوبك . والتخفيض المقترح هو الثاني خلال هذا العام ولكنه على الأرجح لن يحقق المطلوب منه بالكامل وستجد دول الأوبك نفسها مدعوة في وقت لاحق من هذا العام إلى إجراء خفض جديد للمحافظة على السعر المشار إليه . ومرد ذلك أن التراجع في الأسعار عائد إلى عوامل أخرى هيكلية تتمثل في انخفاض الطلب على النفط بتأثير تباطؤ اقتصاديات الدول الصناعية . . وهذا التباطؤ راجع في جانب منه إلى ارتفاع أسعار النفط . . ومن ثم فإن على الدول المصدرة أن تأخذ هذا الأمر بعين الاعتبار وهي تخطط لمستويات إنتاجها للشهور القادمة . لقد أقرت منظمة الأوبك استراتيجية تقضي الحفاظ على سعر النفط ما بين 22 – 28 دولاراً للبرميل ، وعليها بالتالي ألا تتدخل في تسعير النفط حتى يهبط دون مستوى 22 دولاراً للبرميل لمدة 20 يوم عمل متتالية . . إن السماح بانخفاض السعر إلى ذلك المستوى يعطي آلية التسعير مرونة كافية لكي تعمل باستمرار وإلا فإن جمود الأسعار عند مستوى 25 دولارا للبرميل قد يصيب الاقتصاديات الصناعية بركود تنعكس آثاره سلباً على منتجي النفط في وقت لاحق . ولنتذكر من دروس الماضي أنه عندما تتكرر اجتماعات الأوبك لخفض الإنتاج ودعم الأسعار, فإن الخلافات تكثر بين الأعضاء وتزداد التجاوزات وتفقد السوق الثقة في مصداقية المنظمة فتنهار الأسعار .

******************

2 – دعم الانتفاضة :

كتبت في الأسبوع الماضي ضمن هذه الزاوية عن الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يعيشها الفلسطينيون في وطنهم وطالبت بسرعة إيصال الدعم الذي قررته قمة القاهرة إلى مستحقيه قبل فوات الأوان . . وقد سمعنا عن قرارات جيدة اتخذها وزراء الخارجية العرب سيتم بمقتضاها سرعة التحرك نحو دفع مبالغ مالية تصل إلى 40 مليون دولار شهرياً من أجل دعم صمود أهلنا في الداخل ونرجو أن تجد هذه القرارات سبيلها إلى التنفيذ وألا تكون كسابقتها مجرد وعود تتلاشى على أرض الواقع . . لقد بدل الاسرائيليون ثيابهم واستعدوا لجولة جديدة من الصراع العربي الاسرائيلي على الأرض والوجود ودفعوا بشارون هذه المرة ليفتح ثغرة جديدة في صمود أهلنا الصابرين المرابطين في خط المواجهة الأول مع بني صهيون . . وعلينا كعرب ومسلمين أن نعيد ترتيب أوراقنا من جديد وأن نستعد للمواجهة قبل أن تلحق بنا هزائم جديدة لا سمح الله ، ولعل في اجتماع القمة العربية القريب في عمان فرصة مناسبة لتدارك الموقف.

***********************************

3 – خسائر المستثمرين :

لا تزال أسعار الأسهم العالمية في حالة تراجع كبير وقد هبط مؤشر النازداك في الولايات المتحدة هذا الأسبوع إلى أقل من 2000 نقطة ليفقد بذلك المؤشر كل ما كسبه في عام 1999 وبعضاً من مكاسب 1998 . . ولم يقتصر الأمر فقط على مؤشر الأسهم الأمريكية بل تعدا ذلك إلى كل المؤشرات العالمية بلا استثناء سواء في أوروبا أو في اليابان أو غيرها . . هذه الجولة الجديدة من الخسائر ستلحق الضرر بمستثمرينا الضالعين في الأسواق العالمية، وستنعكس سلباً بالتالي على أوضاعهم المالية في الفترة القادمة . . ومما يزيد الأمر سوءاً ما يقال عن هروب مدير الاستثمار في إحدى شركات الاستثمار المحلية غير المرخص لها تاركاً بذلك مصير أصحاب الودائع غامضا .والحقيقة أن مصرف قطر المركزي قد نبه الناس مرات عديدة الى خطورة التعامل مع شركات غير مرخص لها, ولكن اغراء الأرباح الشهرية التى كانت توزعها هذه الشركات والتي كانت تزيد عما تدفعه البنوك في تسعة شهور قد طمس على الناس وعيها وادراكهافلم تميز بين الغث والسمين ،ورغم أنهم اليوم يتحملون تبعات ما حدث ، الا أن الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية لن تترك الجاني دون ملاحقة.كان الله في عون الناس وأعانهم على ما هم فيه من صراع مرير مع الحياة .