كان عام 2000م عاماً جيداً لمنتجي النفط والغاز في العالم ولكنه لم يكن كذلك للمستثمرين الذين خسروا الكثير من انخفاض أسعار الأسهم العالمية والمحلية، ومن تراجع أسعار الذهب وكانت الخسائر فادحة للمستثمرين بالعملات الأخرى بخلاف الدولار.
في عام 2000م كان القطاع العام في قطر يعيش في أزهى فتراته حيث أسعار النفط في القمة تزيد في المتوسط على 26 دولاراً للبرميل، وبارتفاعها ارتفعت أسعار الغاز المسال والمنتجات البترولية والبتروكيماويات .. وارتفعت أيضاً كميات الانتاج – بزيادة الطلب – فكانت المحصلة ارتفاع ناتج قطاع النفط والغاز وناتج قطاع الصناعة بشدة في عام 2000م.
وحققت بقية القطاعات الأخرى نمواً محدوداً وإن اختلف الحال من قطاع إلى آخر، وكان تباين الأداء بين القطاع العام والقطاع الخاص حاداً مما جعل معدل النمو المتوقع للسنة بكاملها وهو ما يزيد على 20% بالأسعار التجارية، غير متجانس ولا يعبر عن واقع الحال في كثير من قطاعات الاقتصاد القطري.
وقد كان الحال في سوق الدوحة للأوراق المالية خير معبر عن النشاط الاقتصادي الخاص في قطر حيث تراجعت أسعار أسهم 15 شركة مدرجة في السوق من أصل 21 شركة وارتفعت أسعار أسهم 6 شركات، وحافظت شركة المطاحن فقط على سعرها دون تغيير، ولقد كان قطاع البنوك في مقدمة الخاسرين حيث تراجعت أسعار أسهم جميع البنوك، وإن تباين الانخفاض بين شديد جداً كما في الأهلي 45% والوطني 31% وطفيف فقط 2% كما في المصرف والبنك الدولي الاسلامي.
وكانت الخسائر عالية أيضاً مع أسهم شركات التأمين باستثناء شركة التأمين الاسلامية اتي سجلت ارتفاعاً بواقع 2.5 ريال للسهم أو 17%، وفي حين اختلف آداء أسهم شركات الخدمات حيث ارتفع بعضها وانخفض البعض الآخر، فإن أسهم شركات قطاع الصناعة قد أنخفضت أسعارها بشكل محدود وذلك باستثناء شركة المطاحن كما اسلفنا وفي المحصلة سجل مؤشر سوق الدوحة انخفاضاً نسبته 8% بعد انخفاض طفيف في عام 1999م بنسبة واحدة بالمائة فقط وارتفاع كبير في عام 1998م بنسبة 35% .. فهل يعود المؤشر إلى الارتفاع في عام 2001م؟ هذا ما سنتناوله في مقالة أخرى إن شاء الله.
*********************
ولم يكن الاستثمار عالمياً أفضل منه محلياً فقد شهد عام 2000م تراجع حاد في أسعار أسهم عدد كبير من الشركات الأمريكية واليابانية وفي حين كان مؤشر الناسداك في مارس الماضي يزيد على 5000 نقطة فإنه انخفض إلى نصف هذا الرقم تقريباً مع نهاية السنة وليحقق بذلك خسارة تصل نسبتها إلى 39% عما كان عليه الحال في بداية السنة .. وكان الانخفاض محدوداً في حالة مؤشر داو جونز الذي خسر 6% فقط عن مستواه مع نهاية عام 1999م ويمكن أن نفهم هذا الاختلاف الكبير في حركة أسعار الأسهم الأمريكية إذا تذكرنا أن أسهم شركات التكنولوجيا (مؤشر الناسداك) قد ارتفعت بنحو 83% في عام 1999م مقابل 20% فقط لمؤشر داو جونز، ولذا كان التصحيح كبيراً في مؤشر الناسداك .. وقد لحقت أسعار الأسهم الأوروبية بالأسهم الأمريكية فانخفضت بنسب مختلفة وصلت إلى 10% مع مؤشر الفايننشال تايمز في لندن و8% مع مؤشر داكس في فرنكفورت.
ولحقت بالأسهم اليابانية خسائر كبيرة بلغت نسبتها 27% على مؤشر نيكاي بسبب ضعف النشاط الاقتصادي وعدم الاستقرار السياسي. وتختلف التوقعات بشأن عام 2001م وما إذا كانت أسعار الأسهم ستعود إلى الأرتفاع ثانية أم إنها ستواصل هبوطها .. وذلك يتوقف على معدلات النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة والدول الصناعية واتجاهات معدلات الفائدة في هذه الدول وذلك موضوع مقال آخر.
**********************
ولم تتوقف خسائر المستثمرين والمضاربين على ما حدث للأسهم العالمية من تراجع بل زادت خسائر البعض منهم نتيجة لما لحق بالين الياباني واليورو والعملات الأخرى من تراجع أثناء السنة، وقد كانت خسائر اليورو كبيرة جداً حتى شهر نوفمبر الماضي، ولكن عمليات تغطية المراكز قبل نهاية السنة وخشية المتعاملين من أقدام بنك الاحتياط الفيدرالي على تغيير سياسته النقدية المتشددة في الربع الأول من عام 2001م قد أدى إلى انخفاض سعر الدولار في شهر ديسمبر، ولكنه مع ذلك ظل
أعلى من مستواه عن بداية العام بنسبة 5% أمام اليورو وبنسبة 8% أمام الجنيه الاسترليني ولأن خسائر الين أمام اليورو أكبر من خسائر الدولار فقد ارتفع هذا الأخير ليصل إلى مستوى 114 ياناً فإلى أين تتجه العملات في عام 2001م وهل يحافظ الدولار على مكتسباته التي حققها في عام 2000م والأعوام السابقة أم يعود إلى الأنخفاض؟ ذلك موضوع لمقال ثالث في وقت لاحق. ثم أن أسعار الذهب قد واصلت انخفاضها وبلغت مع نهاية السنة إلى مستوى 272 دولاراً بانخفاض نسبته 6% عن العام السابق ، فهل يؤدي تراجع النمو الاقتصادي في الدول الصناعية إلى مزيد من التراجع في أسعار الذهب في عام 2001م، ذلك موضوع مقال رابع يأتي في حينه إن شاء الله.
وكل عام وأنتم بخير.