كل أصحاب الودائع لدى المدينة للاستثمار يضعون أيديهم عل قلوبهم ويبتهلون إلى الله أن تنقضي الغمة وتنفرج الأزمة ، وأن تفي الشركة بما وعدت به من إعادة لأموال المودعين في الوقت المناسب . . ونحن معهم ندعو ونبتهل إلى الله أن يكون الأمر مجرد ضائقة مؤقتة ، وأن ما لدى الشركة من أصول يكفي لمواجهة ما عليها من التزامات .
والأيام القليلة الماضية حتى الأول من أبريل كفيلة بأن تكشف المخبوء . . فإذا تلقى الناس أموالهم أو بعضاً منها على الأقل ، فإن ذلك سينعش الأمل في النفوس الخائفة والمترقبة ، ويكون المؤيدون للمدينة للاستثمار قد كسبوا الجولة ويثبتون أنهم كانوا على صواب في دفاعهم القوي عن الرجل الهارب وعلى سلامة تقديرهم لأمانته وبراعته وعبقريته الفذة في صنع الأرباح .
أما إذا مرت الأيام تباعاً دون حصول تقدم ، فإن المخاوف سوف تتأكد من أن الرجل لم يكن يصنع أرباحاً عالية وثابتة طيلة الوقت وأنه كان كأي مضارب في سوق العملات العالمية معرضاً للخسارة الكبيرة مثلما هو مرشح لتحقيق الأرباح العالية ، وأن تلك المعدلات المرتفعة التي كان يوزعها باستمرار على زبائنه إنما كانت من أموال المودعين وليست أرباحاً حقيقية وذلك لضمان تدفق الأموال على الشركة .
إن مصرف قطر المركزي لا يمكن أن يلام في هذه الأزمة الراهنة ، ومن يفعل ذلك يكون إما جاهلاً بحقائق الأمور أو باحثاً عن شماعة يعلق عليها مصيبته في أمواله . . ولنتذكر أن شركات الاستثمار قد دخلت إلى السوق من باب الوساطة المالية بترخيص عادي من وزارة المالية والاقتصاد والتجارة ، وأن دورها كان يقتصر على لعب دور الوسيط بين المستثمر وصاحب المال والبورصة العالمية مقابل عمولة تحصل عليها شركة الاستثمار مقابل كل صفقة يبرمها المستثمر أو العميل لصالحه . . وضمن هذا الإطار لم يكن لمصرف قطر المركزي أي دور في الرقابة على أعمال هذه الشركات ونشاطاتها . . وبعد ذلك بدأت هذه الشركات وخاصة المدينة للاستثمار في إقناع المستثمرين بإدارة أموالهم نيابة عنهم ، وكانت الأرباح العالية شهرياً وسيلة الإغراء في ذلك . . وبمرور الوقت بدأت تصل إلى المصرف بعض الشكاوى من المستثمرين الذين خسروا أموالهم ، فتحرك مصرف قطر المركزي ليضع هذه الشركات تحت مظلة إشرافه ، وأعلن في أكثر من مرة أن على شركات الاستثمار القائمة أن تصفي أعمالها وأن تتقدم بطلبات ترخيص جديدة تكفل قيامه بالإشراف على نشاطاتها بما يضمن أموال الناس ، وإزاء عدم التزام شركة المدينة بالتعليمات واستمرارها في قبول الودائع مخالفة بذلك للقوانين ، قام المصرف بحملة جديدة مع بداية السنة وأعطى الشركة مهلة تنتهي بنهاية مارس ، وبدلاً من الانصياع للتعليمات الجديدة والتوقف عن قبول الأموال لحين تسوية المراكز القائمة فإن شركة المدينة استمرت في قبول الأموال في حسابات خارج قطر في عمان وغيرها . . وعندما اقتربت المهلة من الانتهاء سافر مدير الشركة إلى لندن تاركاً علامة استفهام كبيرة حوا مصير الأموال المستثمرة لديه وما إذا كان الموقف مجرد ضائقة عابرة أم أنه ورطة كبيرة تحتاج إلى بحث وتحقيق ومساءلة من جانب السلطات في وزارة الداخلية ، ليأخذ كل ذي حق حقه وينال المخالف عقابه .