أشياء كثيرة استوقفتني في رد الدكتور علي القره داغي على ما نشر قبل أيام بشأن مودعي البركة.. وقد لاحظت على وجه الخصوص وجود قدر من التضارب الذي لا يغيب عن ذهن القارئ العادي فما بالك بأصحاب الودائع الذين من المؤكد أنهم قد توقفوا عند كل كلمة في الرد المذكور بحثاً عن الحقيقة فيما جرى والأمل الواهي فيما قد تبقى..
في أعلى الصفحة يقول العنوان الرئيسي للرد: أنا كمراقب شرعي للبركة والمستثمرون في سفينة واحدة ولن أتخلى عنهم أبداً، وفي أدنى الصفحة عنوان آخر بخط صغير يقول: لا ينبغي تحميل المراقب الشرعي أكثر من مسؤوليته الشرعية.
وبين العنوانين الكبير والصغير مفارقة كبيرة، ويدرك القارئ على الفور أن الحقيقة موجودة في العنوان الصغير وأن الكلام عن السفينة الواحدة ما هو لا من باب المشاركة الوجدانية ليس إلا..
على أن أصحاب الودائع ينظرون إلى المسألة من زاوية أخرى مفادها أنه كمؤسس (أو شريك مؤسس) لشركة البركات العالمية والمستثمرون في سفينة واحدة ويجب ألا يتخلى عنهم أبداً، وأن مسؤوليته كمراقب شرعي تتعاظم بعد ذلك انطلاقاً من أن إسمه كمرجع ديني قد عمل على استقطاب أموال فئة من المستثمرين الذين وثقوا به وتحمسوا لمشروعه حتى لو لم يقصد الدكتور القره داغي ذلك.
وفي عنوان ثالث نجد إشارة إلى أن أموال المستثمرين عند ميدلاند يورو وتعترف بها ومع ذلك فإن القارئ للرد يجد أن شركة ميدلاند يورو الأمريكية تعترف بأن ما تبقى من الأموال هو 30% فقط، وأن هذه النسبة الضئيلة قد جُمدت في إطار القرارات الأمريكية ضد كل ما يحمل إسم البركة.. ورغم ما يشير إليه الرد من تظلم شركة البركة ومطالبتها بفك الحجز، إلا أن المحاكم الأمريكية الإبتدائية قد رفضت الطلب بتاريخ 28/12/2001.. واعتراف ميلاند يورو بوجود ثلث الأموال ليس ضماناً برجوعها طالما ظلت الحملة الأمريكية الظالمة على أموال المسلمين..
وهناك بعض الملاحظات الأخرى التي يثيرها الرد المذكور، ومنها:
1.أن مصرف قطر المركزي قد طالب شركات الاستثمار بالتوقف عن أنشطتها المخالفة للقانون من حيث قبول ودائع الأفراد والاستثمار للغير وذلك في حملة بدأت منذ مايو 1999 أي قبل أن تبدأ شركة البركات تعاملها مع شركة البركة، وبذلك تكون الشركة قد بدأت أعمالها مخالفة للتعليمات الصريحة من المصرف بضرورة الحصول على تصريح منه بذلك.. وأنها لم تتوقف عن النشاط إلا عام 2001 عندما صدر التحذير النهائي من المصرف.
2.أن الإضطلاع بالعمل الاستثماري لخدمة الناس كان يجب أن يتصدى له من يملك الخبرة والمعرفة بهذا الموضوع لا أن يقتصر عمله على تجميع الأموال وإيداعها لطرف آخر ليستثمرها له.. وهذا ما نفهمه من تعدد الأطراف المشاركة في الموضوع بدءاً من شركة البركات العالمية بالدوحة إلى شركة البركة للاستثمارات في لندن إلى شركة ميدلاند يورو في نيويورك.
3.أن المستثمرين في شركة البركة وما يماثلها من شركات يتحملون جزءاً من المسؤولية ولو في حدود النسبة المتفق عليها وهي الـ25% من رأس المال المودع باعتبار من 75% فقط من رأس المال تضمنه شركة المستثمر.