قطر للصناعات . . العملاق الصناعي القادم

لم يكن الإعلان عن إنشاء شركة قطر للصناعات برأسمال 5 مليار ريال بأقل أهمية من الإعلان عن طرح الدستور للاستفتاء . . ولكن في حين حظي خبر الدستور بتغطية واسعة كانت كقرع الطبول في كل وسائل الإعلام فإن الخبر الأول عن شركة قطر للصناعات قد اختفى ذكره من الصحافة بعد اليوم الأول ، وإن ظلت أصداؤه تتردد في المجالس والمكاتب والأوساط المهتمة بالشأن الاقتصادي والاستثماري بوجه عام . ومع ذلك سرعان ما سيعود هذا الخبر ليملأ صفحات الجرائد ويستقطب اهتمام الإذاعات المرئية والمسموعة في قطر خلال الأسابيع القليلة القادمة عندما يبدأ العد التنازلي لطرح 15% من أسهم الشركة الجديدة للجمهور .

والشركة الجديدة هي نواة لعملاق صناعي كبير إلى جانب قطر للبترول وقطر غاز ورأس غاز . . وإذا كان الدستور الجديد قد أبقى ملكية موارد البلاد من النفط والغاز للدولة ، فإن شركة قطر للصناعات ستكون مفتوحة لمساهمة القطاع الخاص ، وأحسب أن تلك المساهمة ستزداد في المستقبل لتزيد عن نسبة الـ 15% التي قررتها الدولة في البداية . . كما أن موجودات الشركة من المصانع لن تقتصر على شركات قاسكو وقابكو وقافكو وكافاك التي حددها القانون الصادر عن حضرة صاحب السمو الأمير المفدى . . وإنما ستتعدى ذلك – حسب رأيي – لتشمل شركات أخرى مثل كيوكيم ، وكيو في سي ، إضافة إلى أن هذه الشركة ستتولى مستقبلاً نيابة عن الدولة التخطيط لإقامة مشروعات صناعية جديدة بدلاً من قطر للبترول التي تكفلت بهذه المهمة في السابق .

وفكرة إنشاء شركة متخصصة للصناعات في قطر ليست جديدة وقد طالبت في كتابي الذي صدر عام 1998م بعنوان واقع ومستقبل الصناعة في قطر بفصل قطاع النفط والغاز عن قطاع الصناعة بعد أن توسع قطاع النفط وزادت الطاقة الانتاجية إلى نحو 800 ألف ب/ي وبعد أن دخلت قطر عصر انتاج الغاز وتسييله وتصديره .. كما أصبح هذا الفصل ضرورة بعد أن توسع القطاع الصناعي ذاته ولم يعد يقتصر على ثلاثة مجمعات صناعية فقط هي قاسكو وقابكو وقافكو وإنما ازداد إلى ثمانية ، وأصبح توجيه هذا القطاع وإدارته على نحو جيد يستلزم فصله عن إشراف قطر للبترول المباشر . ويتضمن إنشاء شركة قطر للصناعات انتقال ملكية حصص قطر للبترول في أربع شركات صناعية إليها وهي :
* قاسكو (قطر للحديد والصلب) 100% .
* قابكو (قطر للبتروكيماويات) 80% .
* قافكو (قطر للأسمدة الكيماوية) 75% .
* كافاك (قطر للإضافات البترولية) 50% .

وبذلك تكون شركة قطر للصناعات شريكاً للشركاء الفرنسيين والإيطاليين في قابكو وللشركاء النرويجيين في قافكو وللصينيين والكنديين في كافاك . . ومع ذلك فإن ملكية الشركة الجديدة ستظل لقطر للبترول وكان من المنطقي أن تؤول تلك الملكية إلى وزارة الطاقة والصناعة كوزارة ، ونفس الشيء يتصور حدوثه مع شركتي قطر للغاز ورأس غاز .

والمؤكد أن إنشاء قطر للصناعات وطرح 15% من أسهمها للاكتتاب يمثل انطلاقة جديدة لسياسة الخصخصة الحكومية التي انطلقت مع كيوتل في عام 1998م .
والفكرة جيدة وعبقرية بكل المقاييس إذ أنه عوضاً عن التفكير في خصخصة أسهم الشركات الصناعية واحدة بعد الأخرى بكل ما يتكلفه ذلك من وقت وجهد ومال فإنك تمارس الخصخصة في مجموعة الشركات دفعة واحدة وبالتقسيط المريح أي 15% كبداية ثم 15% بعد عدة سنوات وهكذا يسير القطار .

والسؤال الذي يهم المستثمرين الآن هو عن الاكتتاب في حصة الـ 15% التي ستطرح للجمهور القطري في أواخر شهر مايو ، وفي حين يتحفز الكثيرون لامتلاك أكبر كمية ممكنة من الأسهم المطروحة قياساً على ما حدث عند طرح أسهم شركة وقود في العام الماضي ، فإن تساؤلات كثيرة يتداولها الناس عن السعر الذي سيطرح به السهم الواحد للجمهور هل هو 10 ريالات أم سيضاف إ
ليه علاوة إصدار . وما تأثير الاكتتاب المنتظر على حركة التداول في سوق الدوحة للأوراق المالية وعلى أسعار الأسهم خلال الأسابيع القادمة . . هذه الأسئلة وغيرها نتركها لمتابعة أخرى فإلى اللقاء .