ما أحلى الاستثمارات المحلية ، لولا المحاذير السياسية

رغم حرارة الصيف اللافحة من حولنا في الأيام الأولى من أغسطس ، ورغم قسوة المناخ على ساحل الخليج العربي بوجه عام ، فإن التطورات المتتابعة والمتلاحقة في محيطنا العربي تكاد لفرط سخونتها تذهب بالألباب ، ورغم الجهود التي تبذلها الفرق الاستعراضية المشاركة في برامج عجايب صيف قطر للترويح عن البشر ، فإن الابصار تظل مشدوهة .. فرحة تارة ومتألمة تارة أخرى لما يحدث في فلسطين ، وقلقة ومترقبة لما قد يصيب العراق في المستقبل الوشيك من أذى .. وفي ظل هذا الاطار العام للوضع السياسي المعقد في منطقة الشرق الأوسط ، تتابع التطورات الاقتصادية محلياً ودولياً.
وأهم ما يلفت الانتباه على الصعيد المحلي استمرار ارتفاع أسعار الأسهم المحلية وإن بشكل تدريجي ، بعد الاعلان عن أرباح جيدة لبعض الشركات في النصف الأول من العام ، فقد أعلنت شركة اتصالات عن تحقيق أرباح جيدة بلغت 518.6 مليون ريال بزيادة 18.5% عن نفس الفترة من العام الماضي .. وقد تمكنت الشركة بفضل ذلك من الاعلان عن توزيع أرباح بنسبة 28% عن النصف الأول من العام .. هذا الاعلان وما يمثله توزيع الأرباح من ضخ للسيولة في السوق المحلي قد يؤدي إلى مواصلة ارتفاع أسعار الأسهم في الأسابيع القادمة .. ومما يعزز هذا الاتجاه أن معدلات الفائدة على الدولار – ومثلها على الريال – مرشحة للبقاء متدنية لفترة تزيد عن ستة شهور أخرى ، بل أن خفضاً جديداً على معدلات الفائدة بات متوقعاً في ظل معدل النمو المتواضع الذي أصابه الاقتصاد الأمريكي في الربع الثاني من العام والذي بلغ 1.1% على معدل سنوي ..
ولقد كانت أرباح البنوك القطرية جيدة في النصف الأول من العام مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي ، وذلك أمر طبيعي في ظل الفارق الكبير بين معدلات الفائدة على الودائع وفوائد القروض في ظل قرار تحرير أسعار الفائدة الذي أنصف البنوك وعزز مكاسبها ومراكزها المالية على حساب الاقتصاد والعباد .. ولم تكن أرباح كل الشركات المساهمة جيدة ، فقد تراجعت بشدة ايرادات تشغيل الشركة القطرية للنقل البحري ، ورغم الزيادة الملحوظة في ايراداتها من الاستثمار ، فإن ربح السهم الواحد عن النصف الأول من العام قد انخفض إلى النصف تقريباً .. ومع ذلك فإن هذا العائد على السهم يظل أفضل بكثير من العائد المحتمل على الودائع المصرفية.
وكما أسلفت في مقالات سابقة فإن بدائل الاستثمار الأخرى تكاد تكون محدودة حيث يستمر مسلسل تراجع أسعار الأسهم العالمية بشكل مخيف ولا تنصح أحداً بمجرد التفكير في استثمار أمواله خارجياً في المرحلة الراهنة ، ليس لدواعي الأمان وتجنب المخاطر المنتظرة فحسب وانما لاعتبارات وطنية تمليها عليه واجبات دعم الاستثمار المحلي والعربي والاسلامي بأشكاله المختلفة ، وضرورة مقاطعة كل من يعادينا ويعمل ضد مصالحنا. ومما لا شك فيه أن الاستثمار المحلي في مجال العقارات قد أصبح جذاباً ومربحاً ، وارتفعت أسعار الأراضي في مدينة الدوحة بشكل واضح خلال هذا العام. والخلاصة أن الاعتبارات الاقتصادية والوطنية ترجح تعزيز الاستثمارات المحلية وتعمل باتجاه ارتفاع أسعار الأسهم والعقارات خلال النصف الثاني من العام ، مع التنبيه إلى أن انفجار الأوضاع عسكرياً في منطقة الشرق الأوسط وخاصة ما يحدث في فلسطين وما قد يحدث في العراق قد يؤثران سلباً على تلك الاستثمارات.