قانون الصناديق الاستثمارية وانعكاساته على السوق (1-2)

يشكل صدور قانون الصناديق الاستثمارية منعطفاً هاماً نحو تعزيز فرص الاستثمارات المحلية في قطر في وقت ضاقت فيه المجالات المفتوحة لتحقيق عائد مجزٍ بعد انخفاض معدلات الفائدة على الودائع إلى أدنى مستوى لها ، وبعد أن اكتوى المستثمرون بنار الاستثمار في شركات المدينة وأخواتها من التقوى إلى البركة .. والقانون الجديد يخول الشركات المتخصصة في مجال الاستثمار – سواء كانت بنوكاً أو شركات مالية – إنشاء صناديق استثمارية لتوظيف الأموال المكتتبة أو المتجمعة في كل صندوق في شراء وبيع الأسهم المحلية والأجنبية بما يحقق عوائد مالية مرتفعة تفوق ما يمكن الحصول عليه من الفرص الأخرى المتاحة للمستثمر مثل الودائع البنكية.
الجدير بالذكر أن ارتفاع أسعار الأسهم المحلية خلال السبعة عشر شهراً الماضية قد جذب إلى سوق الدوحة للأوراق المالية أعداداً لا بأس بها من المستثمرين الراغبين في الاستفادة من الفرص المتاحة في السوق ، وقد حقق البعض منهم أرباحاً جيدةً نظراً لأن السوق ظلت بوجه عام في حالة صعود دائم باستثناء فترات محدودة خلال تلك الفترة .. وفي المقابل ، وجد البعض الآخر أنه لم يحقق الأرباح المرجوة أو أنه قد أصاب بعض الخسائر من أسهم انخفضت أسعارها ، أو أن أمواله تجمدت في أسهم لم تتحرك أسعارها على نحو يغطي عمولات الشراء والبيع .. ولأن التعامل في السوق يحتاج إلى خبرة ودراية بقواعد السوق وفنون المضاربة ويتطلب متابعة لأخبار الشركات وفهماً لأوضاعها ومراكزها المالية ، فإن الشركات المتخصصة تكون أقدر من كثير من الأفراد على تحقيق أرباح جيدة أو على تفادي حدوث خسائر. ومن هنا جاء حرص الحكومة القطرية ممثلة بوزارة الاقتصاد والتجارة ومصرف قطر المركزي على صدور قانون الصناديق الاستثمارية ، ليفتح المجال أمام الراغبين في استثمار فوائض أموالهم محلياً بما يحقق لهم عوائد أفضل.
ويفيد القانون الجديد غير القطريين الذي تحول القوانين الحالية دون امتلاكهم للأسهم القطرية باستنثاء أسهم شركة اتصالات وشركة السلام للاستثمار. والاستثمار في الصناديق مأمون ومكفول لأنه يتم باشراف ورقابة الجهات الحكومية الممثلة بمصرف قطر المركزي وسوق الدوحة للأوراق المالية ووزارة الاقتصاد والتجارة ، وبالتالي فلن تتعرض الأموال للضياع والسرقة أو الخسارة الكاملة كما حدث لشركات توظيف الأموال .. ومن المفترض أن تكون لكل صندوق قيمة اسمية للحصة الواحدة فيه ، وتتغير هذه القيمة بالزيادة أو بالنقص حسب الأرباح أو الخسائر المتحققة على العمليات التي يديرها فريق عمل متخصص .. ويتم الاعلان عن قيمة الصندوق أسبوعياً أو شهرياً بحيث يعرف المستثمر مقدار ربحه أو خسارته في أي وقت.. وبقدر ما يكون لدى فريق العمل خبرة في مجال العمل الاستثماري بقدر ما يحقق الصندون نتائج أفضل للمشاركين فيه ، ومن هنا فإن النتائج التي سيُعلن عنها في السنة الأولى ستكون حاسمة في اشهار صناديق بعينها ورفع مكانة الشركات التي تديرها ، وذلك بالقدر الذي قد تفشل فيه صناديق أخرى ، أو لا تحقق النتائج المرجوة على أقل تقدير.
وسوف يؤدي نجاح الصناديق الاستثمارية في قطر إلى نتائج مهمة على صعيد توظيف المدخرات محلياً وجذب أموال من دول المنطقة ، كما قد يترتب على انشاء الصناديق حدوث ارتفاع ملحوظ في أسعار الأسهم المحلية ومن ثم ، يحدث تأرجح في الأسعار صعوداً وهبوطاً بشكل لم تعتاده السوق نتيجة للزخم الكبير الذي ستتصف به عمليات الشراء والبيع من جانب الصناديق. ومن المنتظر أيضاً أن يؤدي نجاح تجربة الصناديق إلى انشاء المزيد من الشركات المساهمة بحيث قد يتضاعف عدد الشركات المدرجة في السوق في غضون سبع سنوات ، خاصة اذا ما أقدمت الحكومة على التوسع في برنامج الخصخصة.