كان حديثنا في الجزء الأول من هذا المقال عن صناديق الاستثمار التي صدر بشأنها القانون رقم 25 لسنة 2002م، والذي جاء اضافة هامة لأدوات استثمار المدخرات المحلية .. وشكل بالتالي محطة هامةً في التاريخ الاقتصادي القطري ، بنفس القدر الذي شكله إنشاء سوق الدوحة للأوراق المالية عام 1997م .. فإذا كان السوق قد وفر الآلية التي يمكن من خلالها بيع وشراء الأسهم المحلية تحت مظلة القانون ، فإن قانون الصناديق الاستثمارية يفتح باباً واسعاً لمدخرات غير القطريين وخاصة المقيمين منهم في قطر والدول الخليجية المجاورة. وإذا كانت السوق القطرية سوقا واعدة انطلاقاً من توافر عناصر النجاح فيها لأي استثمار مدروس ، فإن من المؤمل أن تحقق الصناديق الاستثمارية عوائد مالية مربحة تزيد عن ثلاثة أو أربعة أمثال المعدل الحالي للفائدة على الريال أي 7 – 8% على معدل سنوي. ولكن كيف تتحقق هذه المعدلات المرتفعة نسبياً مقارنةً بالمعدلات السائدة على الودائع؟
لنفترض أن إحدى الشركات المالية أو البنوك قد قررت بعد دراسة الأوضاع في سوق الدوحة للأوراق المالية تدشين أول صندوق استثماري لها تحت اسم الظافر (1) برأسمال 20 مليون ريال موزعة على 2 مليون حصة قيمة كل حصة عشرة ريالات ..ومن ثم تقوم ادارة الصندوق باستثمار حصيلة العشرين مليوناً في شراء توليفة من أسهم الشركات القطرية المتاحة في السوق وقفاً لمستويات سعرية محددة وفي تواريخ معينة .. فالمعروف لدى العارفين ببواطن الأمور أن أسعار الأسهم تتحرك صعوداً أو هبوطاً في مواسم معينة وتتأثر إلى جانب ذلك بالمعطيات السائدة في السوق من حيث حجم السيولة وعدد المتعاملين ومستويات أسعار الأسهم ..إلخ. ويكون لدى إدارة الصندوق خيار ايداع الأموال في البنوك طالما ظلت غير مستغلة للحصول على ايرادات اضافية بما يضمن تغطية المصاريف. وسيكون بالامكان ادراج حصص الظافر (1) ضمن سوق الدوحة للأوراق المالية لتداول تلك الحصص في ما يعرف بالسوق الثانوي ، أي بيعها وشرائها. ومن المتوقع لذلك أن تتغير قيمة تلك الحصص وفقاً لحجم الطلب عليها والمعروض منها ، فإذا زاد الطلب ارتفعت أسعارها ويحدث العكس إذا انخفض الطلب أو زاد العرض. ويتحدد العرض والطلب وفقاً للنتائج التي يحققها السوق والتي يفترض أن تكون معلنة بشكل دوري حتى يستطيع مالكو الحصص تقييم استثماراتهم أولاً بأول.
وإذا ما نجحت تجربة اطلاق الصندوق الأول فإن بامكان نفس الشركة تأسيس صندوق آخر باسم الظافر (2) إذا رأت أن حجم الطلب على الحصص يفوق المعروض منها في السوق. وقد أتاح القانون للبنوك والشركات المالية التنويع في إنشاء الصناديق ، فإلى جانب صناديق الأسهم المحلية نجد أن هناك الصناديق العقارية والصناديق المالية الأجنبية التي يتم توظيف حصيلتها في أسهم وسندات أجنبية ، ويحتاح الأمر في هذه الحالة إلى خبرات عالية ومهارات فائقة لادارة استثمارات الصندوق.
على أن الاستثمار العقاري المحلي يظل من المجالات الهامة التي يمكن أن تحقق نقلة نوعية على صعيد البناء العمراني في مدينة الدوحة والمدن القطرية الأخرى .. حيث من المتصور أن يؤدي تجميع المدخرات إلى بناء المزيد من المجمعات والأبراج السكنية والمكاتب ليتم بيعها أو تأجيرها بما يحقق عوائد جيدة. وفي حالات أخرى قد يتم انشاء صندوق عقاري خاص لبناء برج سكني مع اعطاء أصحاب الحصص حق السكنى مجاناً لمدة عمر الصندوق وليكن 15 إلى 20 سنة،وفي نهاية المدة يتم بيع العقار بعد ترميمه ويتم اقتسام الثمن بين أصحاب الحصص وادارة الصندوق بنسب معينة مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكلفة البناء تتضمن عائداً أولياً لادارة الصندوق مقابل القيام بالمشروع والاشراف عليه. والأفكار في هذا المجال كثيرة وقد يجد بعضها طريقه للتنفيذ خلال السنوات القادمة.