فاق الاقبال على الاكتتاب في أسهم شركة صناعات قطر كل التوقعات ، وتهافت الناس على مراكز الاكتتاب بشكل غير مسبوق رغم تعدد هذه المراكز ، ورغم وجود عمليات اكتتاب لشركات أخرى في ذات الوقت. وإذا كان سعادة وزير المالية قد تنبأ مسبقاً بأن يصل عدد المكتتبين في الشركة إلى 35 ألف شخص ، فإن الدلائل الأولى تشير إلى أن الرقم قد يزيد عن ذلك بكثير ، وإنه قد يصل إلى أضعاف الرقم الذي تنبأ به الوزير. وإذا كان عدد من صوت في الاستفتاء على الدستور قد زاد قليلاً عن عشرين ألف شخص ، فإن من يحق لهم الاكتتاب وهم كافة القطريين دون استثناء يصل إلى 170 ألف شخص من الناحية النظرية البحتة . وبالطبع لن يصل العدد إلى 170 ألف ، وهو سيقل حتماً عن ذلك بمقدار أولئك الزاهدين في موضوع الاستثمار بوجه عام ، أو غير القادرين عليه لاعتبارات مالية أو غير المؤهلين له لعدم حصولهم على بطاقات شخصية كالأطفال ،أو الرافضين له لأمور تتصل بموضوع الحلال والحرام فيما يخص علاقة الشركة بالبنوك إيداعاً وإقتراضاً.
ومن الواضح أن تجربتي الاكتتاب في شركتي وقود والفحص الفني في العام الماضي قد شكلتا وعياً خاصاً لدى الناس سواء لجهة دفع الناس للاكتتاب دون تردد بدافع من المنافع الكبيرة التي ستعود على المكتتبين ، أو لجهة الحرص على توزيع الطلبات على جميع أفراد العائلـة ، بدلاً من تركيزها في شخص رب العائلة وزوجته ، لضمان الحصول على أكبر حصة من الأسهم إذا ما تقرر اللجوء إلى التخصيص ، وهو ما يحدث عند الاكتتاب بأكثر من كمية الأسهم المعروضة. وهكذا فإن جانباً مهماً من الاقبال الشديد على طلبات الاكتتاب في الأيام الأولى يعود إلى هذا السبب ، حيث رغب المكتتبون في عدم الوقوع تحت رحمة التخصيص ، وخاصة أن تجربتهم في العام الماضي مع شركة وقود لم تكن كما يتمنون ، حيث أعطت قطر للبترول حداً أدنى من الأسهم لكل مكتتب وقسمت الباقي بعد ذلك بنسبة المبالغ المكتتب فيها ، وهو ما أضر بكثير من المكتتبين الذين لم ينتبهوا لهذ المسألة.
ومما لا شك فيه أن نسبة من القطريين سوف لن تشارك بالاكتتاب لعدم قدرتها تأمين المبالغ المطلوبة للحصول على حصة ولو محدودة من الأسهم ، وخاصة تلك الفئة من الناس المرتبطة بإقساط قروض تم اقتراضها في السابق لشراء السيارات ، أو بناء مساكن أو لقضاء إجازات خارج البلاد ..
وإلى جانب هذه الفئة ، هناك من يعارض الاكتتاب في أسهم شركات صناعات قطر لأنها اعتمدت في بناء مصانعها على قروض إنمائية بنسب ربما وصلت إلى 70% من تكاليف تأسيسسها ، ولأن شركاتها الأربع ؛ قافكو وقاسكو وقابكو وكافاك تتعامل مع البنوك وتحصل على فوائد من ودائها تضاف إلى أرباحها السنوية.
هذه الفئة من الناس تضيع على نفسها خيراً كثيراً من عدم المشاركة في الاكتتاب في مشروعات ثبت بالدليل القاطع أنها مصدر نعمة ورخاء لهذا البلد ، ولأن قد رجح لكثير من علماء هذا الزمان أن الفوائد البنكية ليست هي الربا الذي حرمه القرآن والسنة ، بل إن الاستثمار في شركة صناعات قطر هو واجب وطني وهو أفضل بكثير من شراء أسهم لشركات وعقارات أجنبية في الولايات المتحدة أو بريطانيا تتعامل بالفوائد وتجيز لجان الرقابة الشرعية الاتجار بها.
والخلاصة ، إن توقعاتي للاكتتاب في أسهم الشركة تشير إلى أن حجم الاكتتاب سيفوق الرقم الذي ذكرته في المقال السابق ، وأن المعطيات الراهنة ترفعه إلى ما بين 2000 – 2400 مليون ريال ، وعلى قطر للبترول أن تبحث عن صيغة مناسبة لعملية التخصيص تضمن أكبر قدر من العدالة في عملية التوزيع.