قبل عشر سنوات ، وتحديداً في عام 1993، كان الدولار الأمريكي يعادل 1.12دولاراً كندياً ، وكان الدولار الأمريكي في حالة تراجع أمام نظيره الكندي لدرجة أن التوقعات في ذلك الوقت قد رَجحت أن يصل الدولار الكندي إلى مستوى التعادل مع الدولار الأمريكي في وقت قريب ، أي ليصبح دولار اً كندياً مقابل كل دولار أمريكي.واستندت هذه التوقعات إلى أمرين أولهما: أن الأمور الاقتصادية في الولايات المتحدة منذ سنوات الرئيس بوش الأب كانت في حالة تراجع ،وثانيهما أن معدلات الفائدة على الدولار الكندي كانت أعلى من مثيلاتها على الدولار الأمريكي . وقد صدق بعض المستثمرين هذه التوقعات القائلة بامكانية تعادل الدولار الكندي مع الأمريكي، وأقبل بعضهم على تحويل مدخراته من الريال القطري أو الدولار الأمريكي إلى ودائع بالدولار الكندي لكي يحصلوا على عائد أفضل على ودائعهم في الأجل القصير ، وعلى أمل أن تزداد قيمة ودائعهم في الأجل الطويل إذا ما تعادلت العملتان ؛ دولار كندي بآخر أمريكي .
ولسوء حظ هؤلاء المستثمرين ، جاءت الرياح بما لا تشتهي السفن ، حيث تحرك الدولار الكندي في الإتجاه المعاكس بعد أن حدثت تحولات هامة في كل من الولايات المتحدة وكندا . فقد انتعش الاقتصاد الأمريكي منذ السنة الأولى لحكم الرئيس كلينتون ، في الوقت الذي عانى فيه الاقتصاد الكندي من مشاكل عديدة . وكانت النتيجة أن سعر صرف الدولار الأمريكي قد ارتفع في السنوات الأخيرة من التسعينيات أمام معظم العملات الرئيسية بوجه عام ومقابل الدولار الكندي بوحه خاص حتى وصل إلى سعر 1.55 دولار كندي لكل دولار أمريكي .وقد تسبب هذا التدهور في سعر صرف الدولار الكندي في إلحاق خسائر جسيمة بالمستثمرين الذين تحولوا إلى الكندي منذ عام 1993 .
ولكن دوام الحال من المحال ، وبعد عقد من الزمان ، وتحديداً في عام 2003 ، تبدلت الأوضاع نتيجة لتراجع الأداء الاقتصادي في الولايات المتحدة في عهد الرئيس بوش الإبن وتحسنه في كندا ، وبسبب ارتفاع هامش الفائدة بين العملتين إلى 2.25 نقطة مئوية لصالح الدولار الكندي . ولهذين السببين معاً ، وبسبب حالة عدم الإستقرار في الولايات المتحدة منذ أحداث 11 سبتمبر ، فقد تدفقت الإستثمارات على كندا ، وكان من نتيجة ذلك أن ارتفع سعر صرف الدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي بنسبة 16% في النصف الأول من العام الحالي2003 بحيث وصل حالياً إلى مستوى 1.34 دولار كندي لكل دولار أمريكي .
ولا يزال معدل الفائدة الأساسي على الدولار الكندي عند مستوى 3.25% مقارنة بواحد بالمائة للفائدة الإتحادية على الدولار الأمريكي . ورغم أن التوقعات ترجح اقدام البنك المركزي الكندي على خفض معدل الفائدة بواقع ربع نقطة إلى 3% يوم 15 يوليو القادم ، إلا أن فارق معدل الفائدة سيظل لصالح الدولار الكندي . ولإن التوقعات بشأن تعافي الإقتصاد الأمريكي خلال النصف الثاني من العام الحالي تبدو غير مؤكدة ، لذا فإنني أتوقع أن يستمر التحسن في سعر صرف الدولار الكندي بحيث قد يصل إلى مستوى 1.3 دولار كندي لكل دولار أمريكي في الشهور القادمة ، والله أعلم .