مفهوم النسبة والتناسب في مجال الاكتتاب هو أن يأخذ الغني أكثر من الفقير، فمن يملك 5 مليون ريال يستطيع أن يكتتب في أسهم مواشي بالحد الأقصى البالغ 50 ألف سهم أو نصف مليون ريال لكل شخص ، وأن يكرر ذلك بأسماء عشرة من الأولاد والبنات والزوجات والشركات وفروعها. وتكون النتيجة أن يحصل هذا المكتتب على ما بين 25 إلى 50 ألف سهم بعد التخصيص ، وأن يربح ما بين نصف مليون إلى مليون ريال في مدة لا تزيد عن ثلاثة شهور، وقد يكون الربح أكبر من ذلك لو زاد سعر السهم عن 30 ريالاً عند طرحه للتداول في السوق . أما إذا كان المكتتب من محدودي الدخل ولا يملك إلا مائة ألف ريال لا غير ، فإنه سيحصل غالباً بعد التخصيص على 500 إلى1000 سهم فقط سواء اكتتب بالمبلغ في بطاقة واحدة أو وزعها على أفراد أسرته ، وتكون المحصلة النهائية للعملية حصوله على ربح يتراوح ما بين 10-20 ألف ريال قابلة للزيادة إذا ارتفع السعر عن 30 ريالاً عند طرحه للتداول في السوق .
ويرى بعض الناس أن هذه قسمة غير عادلة من منظور المفهوم الاجتماعي للعدل ، وإنه إذا كان من المرفوض لدى بعض الفقهاء أن يلد المال مالاً عند الإقراض ، فإن العدالة تقتضي حصول أفراد المجتمع على حصص متقاربة في الأرباح ، وألا تكون القاعدة أن يلد المال مالاً طالما انتفى عنصر المخاطرة من الاكتتاب – كما هو حاصل هذه الأيام -. وطالب آخرون بتغيير قواعد الاكتتاب بما يفسح المجال لأفراد الشعب بالاستفادة من الفرص السانحة في تعديل وتحسين أوضاعهم المعيشية . ومع أن شركة مواشي هي شركة مختلطة تساهم فيها الحكومة بـ20 مليون ريال أو 13.3% فقط ، وأنها ليست قطاع عام يتم خصخصته وبيعه للجمهور كما حدث لشركة صناعات قطر ، إلا أن الدور القيادي للحكومة في توجيه الشأن العام يعطيها المبرر الكافي للتدخل بالإجراءات والقوانين لتحقيق العدل الاجتماعي .
ولقد تعود أهل هذه البلاد منذ زمن على مكارم الحكام وعطاياهم فكان القص أو التثمين أو تملك البيوت القديمة وهدمها للصالح العام ، وسيلة ناجعة لتوزيع الدخل على الناس ، وكانت الزيادات العامة في الرواتب والأجور بين سنة وأخرى وسيلة أخرى من هذه الوسائل ، ثم جاءت مكرمة حضرة صاحب السمو الأمير المفدى هذا العام والمتمثلة في طرح أسهم شركة صناعات للبيع بسعر منخفض (5,16 ريالاً للسهم) ، مع رفع الحد الأدنى للتخصيص إلى 3000 سهم ، لتكون فاتحة خير على كل من أدركه الحظ وشارك في الاكتتاب . والمشكلة أن الكثيرين قد فاتتهم مكرمة حضرة صاحب السمو الأمير المفدى إما لعدم وعي بأبعاد الفرصة المتاحة واحتمالات الربح الوفير فيها ، أو لعدم توفر المال اللازم للاكتتاب ، أو لفتوى دينية قطعت عليهم الطريق فآثروا الابتعاد درءاً للشبهات . وقد كان الاكتتاب في أسهم شركة الإجارة فرصة أخرى للربح ، إلا أن تخصيص 138 سهماً كحد أدنى للمكتتب الواحد بعد أن طلبوا منه الاكتتاب بألف سهم كحد أدنى ، قد جعل العائد محدوداً ، خاصة مع انخفاض السعر عند التداول في السوق إلى أقل من 40 ريالاً للسهم .
وليسمح لي حضرة صاحب السمو الأمير المفدى أن أرفع له اقتراحاً بأن يحول كل اكتتاب جديد إلى مكرمة أميرية تعود على عامة الناس بالفائدة المرجوة وعلى شخصه الكريم بالدعاء له في ظهر الغيب من كل بيت بأن ينعم الله عليه بالصحة والسعادة وأن يجزيه عن شعبه خير الجزاء . والمكرمة تكون بمظنة تحقيق العدل الاجتماعي بين الناس في المغنم ، ذلك أنه طالما أن الظروف الاقتصادية مواتية جداً سواء من حيث انخفاض معدلات الفائدة على الريال ، وتحقيق الميزانية العامة للدولة وميزان المدفوعات لفوائض كبيرة ، فإن الاكتتاب في الأسهم يعد تجارة رابحة جداً ، وفي مثل هذه الأمور يستدعي الإنصاف توجيه الحكومة لقواعد الاكتتاب وعدم تركها لقوى السوق ، تماماً مثلما يتدخل رجل المرور لتحويل السير من شارع إلى آخر عندما تقتضي المصلحة العامة ذلك . وفيما يتعلق بالاكتتاب الراهن في أسهم مواشي، فإنني أضع أمام سموكم الكريم بعض الاقتراحات التي يمكن الأخذ بها كلها أو بعضها:
1- أن يتم رفع رأسمال الشركة إلى 200 مليون ريال بدلاً من 150 مليون .
2- أن يتم تعديل نسبة حصة المؤسسين والحكومة إلى 10% أو 20 مليون ريال لكل منهما بما يترك 160 مليون ريال بعد ذلك للاكتتاب العام .
3- أن يتم خفض الحد الأقصى للفرد المؤسس أوالمكتتب إلى 200 ألف ريال(20 ألف سهم) .
4- أن يقتصر الإكتتاب على الأفراد فقط دون الشركات.
5- أن يتم رفع الحد الأدنى للمكتتب الواحد إلى 100 سهم بدلاً من سهم واحد مثلما حدث مع شركات أخرى من قبل .
6- أن يتم توزيع باقي الأسهم على المكتتبين–بعد تخصيص الحد الأدنى- بنسبة ما دفعه كل منهم .