أين تتجه أسعار النفط، وماهي انعكاساتها المنتظرة؟ (2-2)

توقعات بأن يصل الناتج المحلي إلى 90 مليار ريال

تناولت في الجزء الأول من هذا المقال الحديث عن أسعار النفط المرتفعة هذا العام وكيف أنها مرشحة للبقاء مرتفعة بقية شهور السنة، مع احتمال حدوث قفزة جديدة في الأسعار تنقلها إلى مستوى 40 دولار لسلة خامات الأوبك، ونحو 45 دولار لسعر نفط غرب تكساس. ولم تكد تمر ساعات قليلة على صدور المقال حتى تفجرت مشكلة أخرى تتعلق بمطالبات ضريبية حكومية ضخمة على شركة يوكوس الروسية للنفط تصل إلى 3.4 مليار دولار، بما قد يعرضها للإفلاس وبالتالي يوقف إنتاج الشركة وصادراتها التي تصل إلى نحو 800 ألف ب/ي. وقد أضافت هذه المشكلة بُعداً جديداً للموقف المتأزم في أسواق النفط العالمية، وأبقت الأسعار مرتفعة رغم زيادة انتاج الأوبك في شهر يوليو الحالي بنحو 2 مليون برميل يومياً، وتجاوزه مستوى 30 مليون ب/ي، وهو أعلى مستوى له منذ عام 1979، وظل اتجاه الأسعار مرهوناً بما سيحدث مع شركة يوكوس خلال الأسبوعين القادمين. فما هي الإنعكاسات المنتظرة لأسعار النفط المرتفعة؟
أول ما يعنينا في هذا الموضوع هو التأثير المحتمل للأسعار المرتفعة على الاقتصاد القطري. فمن الواضح أن بقاء سعر نفط الأوبك فوق مستوى 36 دولار واقترابه من مستوى 40 دولار للبرميل يعني أن إيرادات النفط سترتفع إلى ضعف المستوى المقدر في الموازنة العامة للدولة والتي حُسبت هذا العام على أساس 19 دولار للبرميل. وهذه الزيادة الكبيرة في الإيرادات ستكون فرصة ممتازة لتحقيق فائض مالي كبير، يعمل على تعزيز الاحتياطيات المالية للدولة من ناحية ويساهم في سداد جانب مهم من الدين العام المترتب على مشروعات التنمية. وستكون هذه الإيرادات المرتفعة أيضاً سبباً مهماً في استمرار السياسة المالية التوسعية التي تنتهجها الحكومة منذ عدة سنوات، بحيث يستمر الإنفاق على المشروعات الإنمائية بمعدل لا يقل عن 9 مليار سنوياً، وفق ما صرح به سعادة وزير المالية لبرنامج إحداثيات اقتصادية في التلفزيون القطري قبل شهرين.
ولأن أسعار النفط عند هذه المستويات المرتفعة تشكل زيادة تصل إلى 37% عن متوسط أسعار النفط لعام 2003، لذا فإن من المتوقع أن تحدث طفرة في الناتج المحلي الإجمالي لهذا العام بحيث قد يصل إلى 90 مليار ريال بزيادة نسبتها 21.6% عن العام الماضي. وهذه الزيادة في نمو الناتج المحلي الإجمالي لا بد وأن يتبعها زيادة في عرض النقد ومن ثم في مستويات الأسعار ومعدل التضخم ، خاصة وأنها تحدث في وقت يزيد فيه الإنفاق الحكومي إلى مستويات قياسية وتنخفض فيه معدلات الفائدة إلى أدنى مستوى تاريخي لها. ولقد سجل معدل التضخم زيادة ملحوظة في الربع الأول من هذا العام وبنسبة 4.6% عن الربع الأخير من عام 2003.
ومن جهة أخرى نجد أنه سيكون للأسعار المرتفعة للنفط آثار إيجابية على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي، وعلى مسيرتها من أجل تحقيق الإتحاد النقدي بينها. المعروف أن دول التعاون تبحث حالياً من خلال لجنة فنية مشكلة من مسؤولين في البنوك المركزية الخليجية مسألة وضع معايير للتقارب المالي والنقدي بين دول المجلس. وسيكون من شأن أرتفاع اسعار النفط في المرحلة المقبلة أن تتمكن الدول الأعضاء من تخفيض مستويات الدين العام لديها بما يساعد على إقرار نسب مقبولة لمستويات الدين العام فيها، نسبة للناتج المحلي الإجمالي في كل منها.