تحدثت في الأسبوع الماضي عن مبررات السماح لغير القطريين بامتلاك ما نسبته 25% كحد أقصى من أسهم الشركات القطرية، وعن بعض النتائج المحتملة لهذا القرار. ورغم أن بعض آثاره قد ظهرت في الأسبوع الأول من أغسطس في صورة ارتفاع في مؤشر السوق وأسعار أسهم بعض الشركات، إلا أن التأثير الكامل للقرار لن يحدث قبل شهر أكتوبر القادم. ويتطلب الأمر انعقاد الجمعيات العمومية غير العادية للشركات لتعديل أنظمتها الأساسية، كما يستلزم أن تقوم إدارة السوق بتعديل نظام التسجيل والتداول في السوق بما يسمح بأخذ المعطيات الجديدة في الإعتبار. وأحسب أن هذين الأمرين سوف يستغرقان وقتاً ليس بالقصير، خاصة مع وجود الناس في إجازة قد تطول حتى منتصف سبتمبر. ومن بين الآثار المحتملة للقرار تأثيره المنتظر على موضوع الصناديق الاستثمارية، التي صدرت لائحتها التنفيذية في شهر يونيو الماضي، وكان من المعتقد أن خبر إطلاق الصناديق سوف يؤثر بشكل إيجابي على حجم التداول وعلى أسعار الأسهم في السوق، إلا أن مثل هذا الأثر لم يتبلور حتى الآن. والسبب في ذلك أن طرح الصناديق سوف يتأخر إلى ما بعد أكتوبر القادم، لاعتبارات فنية وتنظيمية. وأغلب الظن أن قرار الـ 25% قد سحب جانباً من إهتمام البنوك بموضوع الصناديق باعتبار أن شريحة مهمة من المستثمرين المستهدفين-وهم غير القطريين- قد يفضلون التعامل المباشر في السوق بدلاً من أن يكون ذلك من خلال الصناديق.
الجدير بالذكر أن فكرة الصناديق قد نشأت قبل ثلاث أو أربع سنوات من أجل إتاحة الفرصة لغير القطريين لتوظيف أموالهم في السوق المحلية، ومن أجل العمل على تنويع الأدوات المتاحة أمام المستثمرين(قطريين وغير قطريين) لتحقيق عائد معقول بأقل قدر من المخاطر. وإذا كان المبرر الأول قد زال بصدور القرار، فإن المبرر الثاني قد ظل قائماً من جهة غير المؤهلين على التعامل المباشر في السوق. ومع ذلك فإن الإقبال على الصناديق من جانب القطريين سيكون محدوداً جداً في الفترة التي ستسبق طرح أسهم شركة نقل الغاز في يناير القادم. والخلاصة أننا قد نشهد طرح بعض الصناديق في الشهور القادمة إلا أن ذلك سيكون مقتصراً على عدد محدود من الصناديق قد لا يتجاوز الخمسة في مجال الأسهم المحلية.
ومما يعزز من هذه الرؤية أن التعامل في الصناديق المحلية، يتطلب خبرة ودراية في بيع وشراء الأسهم القطرية، مع قدرة على التحليل وقراءة واقع السوق ومتغيراته وذلك من أجل تحقيق أرباح جيدة على موجودات الصندوق. وفي ظني أن ذلك سبب آخر لتأخر بعض البنوك في طرح صناديق لها، تحسباً من أية نتائج قد لا تكون موفقة، وعملاً بالمبدأ القائل في التأني السلامة وفي العجلة الندامة. ولا شك أن مصرف قطر المركزي سوف يولي هذا الموضوع اهتماماً خاصة لجهة التأكيد على كفاءة وخبرة مدراء الصناديق والكوادر الفنية التي تعمل بها، قبل إعطاء التراخيص المطلوبة لتأسيس مثل هذه الصناديق.