في موضوع إسم العملة الخليجية الموحدة وسعر صرفها

متابعات اقتصادية

في موضوع إسم العملة الخليجية الموحدة وسعر صرفها

بقلم بشير يوسف الكحلوت/مستشار اقتصادي

استوقفني في الأسبوع الماضي خبر طريف عن أربعة عشر إسماً مقترحاً لاختيار إسم ٍ من بينها للعملة الخليجية الموحدة. والطريف في الموضوع أن كثيرمن الأسماء المقترحة لا تصلح -في تقديري- لأن تكون إسماً لعملة، فما بالك لعملة يُراد لها أن تكون ذا شأن بين العملات الرئيسية في العالم في يوم من الأيام.

فإذا كان إسم كروة يصلح بامتياز لأن يكون إسم شركة نقل بالإجرة، فإنه لا يصلح كذلك لإسم عملة، وإلا ظن البعض أن شركة كروة ستكون بمثابة البنك المركزي الذي سيصدر هذ العملة. وقنطار وقيران وحدتان للوزن والقياس ولا علاقة لهما بمسميات العملة، ويعطيان في اللغة معان متناقضة فكيف يكون القنطار الذي استخدمه القرآن الكريم أكثر من مرة للدلالة على ضخامة الأشياء مجرد ورقة صغيرة لا وزن لها وقيمتها محدودة. والدانة والدر والدرة كلمات تطلق على أنواع من المجوهرات الثمينة وليس مجرد وحدة نقدية تتراوح قيمتها ما بين ريال إلى عشرة ريالات. والريان يطلق فعلياً على إسم زجاجة ماء عذبة، وعلى نادي ومدينة في قطر، بل وعلى إسم عائلة أو شخص. والكرم عنوان للسخاء في الإنفاق، وبالتالي قد يشكل إسم العملة بهذا المعنى دعوة مفتوحة لمن يملك العملة كي ينفق بسخاء أو ربما تبذير.

الإسم الوحيد الذي يمكن أن يكون له علاقة بالعملة الموحدة من بين الأسماء المقترحة هو خليجي، وذلك بالقياس إلى استخدام الأوروبيين لمسمى اليورو لعملتهم الموحدة. وقد يقول قائل إن كلمة خليجي تُعطي نصف المعنى فقط في الدلالة على أن العملة تخص دول الخليج العربية، ولكنها لا تصلح للدلالة المطلقة على إسم العملة، ولا بد من إضافة كلمة أخرى للتمييز، فهل نطلق على فئات العملات : خمسون خليجي وعشرة خليجي، ومائة خليجي!!!. الجدير بالذكرأن لفظ الخليجي قد يشير إلى معان كثيرة فنسمع عن خليجي 11 وخليجي 17، وغيرها من مسميات مسابقات الكؤوس الخليجية، وغير ذلك من المسميات الكثيرة التي تتصل بالجغرافيا والأشخاص.

ولقد كان من المنطقي استخدام التراث والموروث في اشتقاق الإسم الجديد، كأن يكون ديناراً أو ريالاً أو درهماً باعتبار أن الناس في المنطقة وفي العالم تعرف هذه المسميات وتتقبلها، ولكن الحرص على عدم الاختلاف حول المسمى جعل القائمين على الاختيار يقررون الابتعاد عن مسميات العملات المعمول بها في المنطقة. وفي تقديري أن هذا السبب غير وجيه، ولا يجوز الاحتكام لهذا المنطق في الاختيار، بل إن الفوائد العملية لاختيار إسم معروف كالريال أو الدرهم أو الدينار تفوق بكثير مبررات استبعادها. فالريال اسم متعارف عليه كعملة لدولتين من الدول الأربع التي تشكل الاتحاد النقدي، ويمثل حجم المعروض النقدي في هاتين الدولتين قرابة ثلثي المعروض النقدي في الدول الأربع. والدينار اسم متداول في اثنتين من الدول الأربع إضافة إلى أنه مستخدم في مناطق أخرى من العالم العربي. أما الدرهم فهو العملة المتداولة في الإمارات العربية المتحدة، وقد يكون في اعتماد هذا الأسم تحاشياً للخلاف بين الدول الأربعة المشاركة، وإرضاءً للإمارات كي تعود للانضمام للاتحاد ثانية. وما يعجبني في مسمى الدرهم أنه أفضل من الريال لجهة وروده في القرآن الكريم في سورة يوسف: وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين، كما أن الريال إسم لأكثر من نادي في أسبانيا، وأن الدرهم عملة خفيفة بعكس الدينار الذي هو عملة ثقيلة جداً، وثلثي أهل منطقة الاتحاد النقدي يتعاملون بعملة خفيفة.

وفي موضوع يتصل بالعملة الموحدة أشير إلى أهمية الاتفاق على سعر صرف العملة الموحدة مقابل العملات الرئيسة الأخرى وخاصة الدولار الأمريكي الذي أُتفق على استخدامه كمثبت مشترك لعملات الاتحاد النقدي الخليجي منذ عام 2002، كما لا بد من تحديد القيمة التبادلية للعملة الموحدة مع العملات الحالية للدول الأعضاء في الاتحاد. هذان الموضوعان إضافة إلى موضوع مسمى العملة الموحدة أو ما يُسمى بالمجمل مواصفات العملة الموحدة يجب أن يصل فيه المسؤولون في دول الاتحاد النقدي إلى اتفاق حتى يتم تعبيد ما تبقى من الطريق نحو إصدار العملة الموحدة.

والاتفاق على سعر صرف العملة الموحدة أمر ضروري في هذه المرحلة وهناك عدة بدائل يمكن اقتراحها ومن ذلك:

أولاً: أن يتم اعتماد سعر صرف إحدى العملات المشاركة في الاتحاد النقدي كسعر صرف للعملة الموحدة، ويكون على الدول الثلاث الأخرى تسعير السلع والخدمات لديها بما يتناسب مع السعر الجديد، وعلى سبيل المثال إذا كان سعر كيلو اللحم(هندي مثلاً) 23 ريالاً قطرياً فإن السعر الجديد يكون 24 ريالاً(سعودياً) استناداً إلى أن الريال القطري يساوي 1.0417 ريال سعودي. ويتم تسعير السلع والخدمات في البحرين والكويت بنفس الطريقة، فإذا كان سعر قنينة الكولا 100فلس كويتي، فإنها تصبح 1.3 ريالاً سعودياً بالعملة الجديدة على اعتبار أن الدينار الكويتي يساوى حالياً نحو 13.3 ريال سعودي.

ثانياً: أن يتم اختيار سعر صرف العملة الجديدة كمتوسط مرجح لأسعار عملات الدول الأربع المشاركة في الاتحاد النقدي، وأن يتم الترجيح بأوزان مثل نسبة الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة إلى إجمالي الناتج المحلي للدول الأربع، أو باستخدام نسبة عرض النقد الواسع في كل دولة. وهذا الاقتراح يعطينا سعر صرف من النوع المتوسط للعملة الجديدة، أي قريباً من الدولار أو اليورو باعتبار أن متوسط الريال الواحد في كل من السعودية وقطر، والدينار البحريني الذي يقل عن عشرة ريالات والدينار الكويتي الذي يزيد عن 13 ريال هو في المحصلة المرجحة في حدود 4-5 ريالات.

وبعد تحديد سعر الصرف الجديد مقابل إحدى العملات الخليجية، يتم تحديد اسعار السلع والخدمات في كل الدول الأربع بأسعار العملة الجديدة، ويتم استخدام هذه الأسعار الحسابية في الفترة الانتقالية جنباً إلى جنب مع الأسعار المعلنة بالعملة المحلية في كل دولة لحين صدور العملة الجديدة واستخدامها في التدوال.

وأختم هذا المقال بمقولة إن ما قلته أعلاه يمثل رأيي الشخصي وهو في نظري صواب، وإن كنت أقر دائماً بأنه يحتمل الخطأ.