اتصل بي في الأسابيع الأخيرة الكثير من القراء يسألون عن اتجاهات البورصة المتوقعة فيما تبقى من العام 2020.. وقد وجدت مع نهاية شهر سبتمبر، ومرور ستة أشهر على انتشار جائحة كورونا، أن الوقت بات مناسبا للعودة للكتابة ثانية بعد أن توقفت عن ذلك منذ الأول من يونيو الماضي. ولكي نفهم الاتجاهات المحتملة لمؤشرات البورصة في الأسابيع القادمة وحتى نهاية العام، يجب أن نشير بداية إلى ما حدث:
أولاَ: أن المؤشر العام قد انخفض من مستوى 10442 نقطة مع نهاية شهر يناير إلى 8207 نقطة بنهاية مارس، أي بنحو 2235 نقطة وبنسبة 21.4%، وكان ذلك الانخفاض بتأثير عاملين أولهما تراجع أداء الشركات المدرجة في البورصة في الربع الأول من العام مقارنة بالفترة المناظرة من العام السابق، ثم بالتأثيرات السلبية القوية التي نتجت عن انتشار وباء كورونا، والتي أثرت على أداء اقتصادات العالم ككل.
ثانياً: أن الصورة بدأت في التغير اعتبارا من شهر أبريل الماضي حيث سجل المؤشر العام ارتفاعا بنحو 556.8 نقطة إلى مستوى 8764 نقطة، وواصل ارتفاعه في شهري مايو، ويونيو- وإن بنقاط أقل- بلغت 80.7 نقطة في مايو و153.8 نقطة في يونيو، ليصل المؤشر العام مع نهاية الربع الثاني إلى مستوى 8998.6 نقطة.
ثالثاً: استمر ارتفاع المؤشر العام في شهور الصيف، وسجل زيادات بمقدار 369.6 نقطة في يوليو، و477.7 في أغسطس، و145 نقطة في سبتمبر، ليصل المؤشر العام إلى عتبة العشرة ألاف نقطة، وتحديدا عند مستوى 9999.4 نقطة مع نهاية سبتمبر.
رابعاً: أن المؤشر العام قد توقف فوق مستوى العشرة ألاف نقطة معظم تداولات عام 2019، ولم يتمكن من تسجيل ارتفاعات جديدة إلا بنسبة 1% تقريباً عن مستواه عند إقفال عام 2018، وكان ذلك بسبب العامل المشار إليه أعلاه، وهو تراجع الأداء الاقتصادي، وارباح الشركات المدرجة في عام 2019 عنها في عام 2018.
خامساً: أن الارتفاعات التي حققها المؤشر العام ما بين نهاية مارس ونهاية سبتمبر 2020 قد اعتمدت على تكتيكات جديدة اعتمدتها المحافظ القطرية وغير القطرية، تمثلت في التركيز على تداولات الأسهم الضعيفة والخاسرة- حسب النتائج- وبمبالغ كبيرة بلغت ضعف ما كانت عليه التداولات في يناير وفبراير. ونجد في ذلك أن إجمالي تداولات شهري يناير، وفبراير قد بلغتا 4669 و4527.9 مليون ريال على التوالي، وارتفعت في يوليو 10948 مليون ريال، وإلى9845 مليون ريال في أغسطس.
سادساً: أن الارتفاعات في المؤشر وأحجام التداولات قد استندت بشكل واضح إلى الدعم الذي وفرته الحكومة مشكورة لأداء البورصة بقيمة عشرة مليار ريال. وقد لاحظنا في التقارير الأسبوعية أن تداولات الأفراد الصافية قد تقلصت معظم أوقات الشهور الماضية، فيما ارتفعت بشكل كبير التداولات الصافية للمحافظ.
سابعاَ: أن الارتفاعات التي تحققت على أسهم الشركات الضعيفة والخاسرة قد جاءت مخالفة لمنطق الأشياء، فأسعار هذه الشركات كانت ترتفع لمت أب لأيام متتالية حتى تضاعفت أسعار بعضها ما بين مارس وسبتمبر عدة مرات، بينما استقرت أسعار الأسهم القيادية كالوطني ووقود والمصرف، والدولي، والريان، ولا زال معظمها دون ما كانت عليه في بداية العام.
على ضوء ما تقدم يمكن التفكر فيما سيكون عليه الحال في الأسابيع القادمة، ونشير على وجه الخصوص إلى ما يلي:
1- أن نتائج الربع الثالث والشهور التسعة الأولى من العام ستظهر تباعا خلال شهر أكتوبر الحالي، وتحديداُ اعتبارا من يوم 11 أكتوبر للوطني. وبالنظر إلى التأثيرات السلبية لجائحة كورونا، فإن أرباح الشركات لهذه الفترة ستكون أقل مما كانت عليه في الفترة المناظرة من عام 2019.
2- أن البورصة في اليوم الأول من أكتوبر قد كسرت حاجز العشرة الاف نقطة ووصل المؤشر العام إلى مستوى 10035 نقطة في النصف ساعة الأولى بتداولات بلغت 125 مليون ريال.
وعليه يمكن تصور استمرار ارتفاع الأسعار والمؤشر العام خلال النصف الأول من أكتوبر بحيث قد يعود المؤشر إلى مستوى 10400 نقطة، أو ربما أعلى من ذلك بقليل، ولكنه لن يتمكن من تجاوز ذلك إلا إذا عادت أسعار الأسهم القيادية إلى الارتفاع ثانية. وبالنظر إلى أن أسعار أسهم الشركات الضعيفة التي ارتفعت كثيرا في الشهور الماضية، قد باتت لا تعكس ما تقوله مؤشرات السعر إلى العائد، أو مكرر الربح، لذا فإن أي ارتفاع جديد في أسعار أسهم تلك الشركات قد يترتب عليه ضغوط كبيرة من عمليات البيع وجني الأرباح من جانب الأفراد خاصة.